قفص السكر. الوثائقي الأول لزينة القهوجي

Dec 2019

شهد مهرجان Dok Leipzig في ألمانيا مؤخراً العرض الأول لفيلم قفص السكّر للمخرجة زينة القهوجي الحاصلة على دعم برنامج مختبر الفنون. في فيلمها تحاول زينة توثيق زمن طويل وثقيل الحركة عبر استخدام كاميرتها لمراقبة وتسجيل الحياة اليومية لوالديها المسنين خلال 8 سنوات من الحرب في سوريا. يسود الفيلم مشاهد من العزلة، والخوف والترقب والتي تقول الكثير عن الحياة في دمشق، لكنها في الوقت نفسه قادرة على تسجيل رابط الحب والحساسية الإنسانية التي تتمسك بها العائلة كملاذ وأداة مقاومة ضد ثقل الوقت والحرب. 

زينة القهوجي من مواليد 1986، سورية المولد. بدأت العمل في مجال فن الوثائقي عام 2010، وأتمت في عام 2017 درجة الماجستير في الإخراج الوثائقي ضمن إطار برنامج DocNomads الأوروبي المشترك. بعد إنجازها لفيلمها الأول قفص السكر، تقوم حالياً بالعمل على تطوير مشروعها الطويل الثاني في دمشق.

عن خياراتها الفنية في قفص السكر تقول زينة: "حاولت في هذا الفيلم إيجاد معادلتي الفنية والسياسية الخاصة، إذ تجنبت الاقتراب من سينما الحرب والصراع بشكل مباشر الأمر الذي يتطلب الكثير من الخبرة والنضج والمسافة النفسية والفكرية الكافية والتي كنت أفتقدها في ذلك الحين، فلجأت إلى العمل على الخاص والشخصي تلبية لحاجتي الكبيرة للتعبير عما يدور من حولي من أحداث عبر ممارستي الفنية".

تعتقد زينة أن السينما السورية اليوم في وضع حرج، وذلك بما يخص الصراعات والنفور الشديد بين العديد من صنّاع السينما الذي شهدته السنوات الماضية وهو ما لم تشهده قطاعات فنية أخرى على القدر نفسه من الحدّة كالفنون التشكيلية أو المسرحية أو الأدب. زينة: "أشعر أحياناً بالخوف من هذه الظاهرة. الاختلاف بالرأي طبيعي إلا أن القطيعة والعداء والتخوين وضع مؤلم وغير مشجع. نحتاج اليوم أكثر مما سبق إلى تطوير الفن السينمائي وتعزيز قدرته على محاكاة حجم الأحداث فنياً وإنسانياً وعدم الاكتفاء فقط بالمستوى التوثيقي، وهذا يتطلب منا جميعاً تجاوز حالة العداء والتخوين وإتاحة الفرصة للأفكار الجديدة وللجيل الشاب الجديد أن ينتجوا أفلامهم دون خوف مسبق من الإقصاء".

اعتمدت زينة في إنتاج فيلمها على على مصادر قليلة، إقليمية في العموم. حيث كان عليها إرسال الطلبات لأغلب فرص التمويل المتوفرة في المنطقة العربية وقد حصلت على بعضها مما أتاح لها متابعة العمل. تقول زينة: "تم تصوير الفيلم بشكل شخصي على مدى سنوات، لذلك كل ما كان مطلوباً هو تمويل مرحلة ما بعد الإنتاج وهي نفقات مونتاج وتصحيح صورة وصوت وإنتاج النسخة النهائية. المنح كانت غير كافية، لانها قامت بتغطية نفقات تقنية بحتة، لكنها لم تكن كافية للنفقات او المستحقات الشخصية.  ربما كان علي الانتظار والتقديم لدورات جديدة متوفرة في المنطقة، أو الاشتراك بدورات تطويرية مع جهات خارجية، لكني لم أشأ تأجيل إنتاج الفيلم أكثر، لاعتقادي أن الأفلام الذاتية لا تحصل عادة على فرص انتاج كبيرة خاصة في المنطقة العربية وفي هذا الوقت بالذات، حيث الاهتمام ينصب أكثر على مواضيع أخرى مثل الصراعات. لذلك قررت المضي بالعمل والانتهاء منه".

ترى زينة أن خلق المزيد من المنصات الفنية والسينمائية التي تجمع المنتجين والعاملين في المجال مع المخرجين الصاعدين هو حاجة ملحّة قد تقود صنّاع الأفلام إلى التغلب جزئياً على صعوبات تسويق أفلامهم الجديدة. "أقوم بمهام التسويق وإيجاد فرص العرض بشكل شخصي على نطاق ضيق وبطريقة عشوائية وغير مضمونة، وذلك لأن المهرجانات ومنصات العرض غالباً ما يكون لديها سياسات عرض خاصة، ولجان المشاهدة لا تقوم عادة بمشاهدة جميع الأفلام المتقدمة بل تقوم بالتركيز أكثر على الأفلام الموصى بها. لذلك فالأفضل دائما العثور على منتج او موزع ذو خبرة، وجزء من شبكة علاقات جيدة في هذا المجال وبالتالي قادر على تسويقه وعرضه على الشخص المناسب".


© الحقوق محفوظة اتجاهات- ثقافة مستقلة 2024
تم دعم تأسيس اتجاهات. ثقافة مستقلة بمنحة من برنامج عبارة - مؤسسة المورد الثقافي