أبحاث: لتعميق ثقافة المعرفة
المقترحات البحثية الحاصلة على الدعم
أحمد خالد الطُبل | توثيق الذاكرة الشفهيّة كحلٍّ لتعزيز التعايش والسّلم الأهليّ
يناقش البحث النظريّات المتعلّقة بتوثيق الذاكرة الشفهيّة، بالإضافة إلى بعض التجارب الّتي تمّ القيام بها في هذا المجال حتّى الآن بتفاصيلها من حيث: الطُرق المتّبعة في التوثيق، وتفاصيل الحَدَث الموثَّق، بالإضافة إلى مُخرجات عمليّة التوثيق، وذلك من أجل استخلاص التقاطعات وتجاوز الهفوات في تلك التجارب. وعلاوةً على ذلك، يناقش البحث "توثيق الذاكرة الشفهيّة" كمصطلح، وكيفيّة تغيُّر التعامل مع هذا المصطلح، وقياس مستوى الموثوقيّة المتعلّق به خلال السنوات الماضية. وبالتالي، وفقاً لما سبق ذكره، يتمّ تلخيص أسئلة البحث بالتالي: ما هي عمليّة توثيق الذاكرة الشفهيّة؟ وما هي القواعد المرجعيّة لها؟ وما هي أبرز النجاحات والفجوات الّتي تتعلّق بالتجارب الّتي تّمت لتوثيق الذاكرة الشفهيّة حتّى الآن؟ وما مدى دقّة القواعد المرجعيّة الّتي تمّ اعتمادها في هذا السياق؟
إياد أبو سمره وشام العلبي | هيتروتوبيا ما بعد الغروب
مع تراكم الأزمات الاقتصادية وازدياد ساعات انقطاع التيار الكهربائي عن أركان المدينة لفتراتٍ قد تتجاوز ست ساعاتٍ في أحسن الأحوال، أصبحت شوارع دمشق غارقةً في الظلام. فرحلة شابةٍ أو شابٍ بعد الساعة 8 مساءً تبدأ بمصباحٍ أو ضوء هاتفه/ا المحمول، وتشق/يشق بذاك ظلمة المدينة وحاراتها الضيقة إلى أن ت/يصل إلى أقرب شارعٍ عام مزدحم، حيث ستكتفي/يكتفي بأضواء السيارات المارّة وصولاً إلى المحال حيث تلتقي أو يلتقي بالأصدقاء. ولكن ماذا بعد؟ أي فراغاتٍ قادرة بهذه المحددات البسيطة على استيعاب الحاجة الملحة لفراغات مضاءةٍ للشباب؟
يسعى البحث إلى دراسة التكيفات الناتجة عن غياب إنارة الطرقات على الفراغات العامة وتوثيق التأقلم والتحولات التي طرأت على هذه الفراغات ليلاً من حيث الاستخدام والوظيفة. حيث وَلَّدت الظروف المحلية والاقتصادية السائدة استخداماتٍ وسيناريوهاتٍ مغايرةً لما تم تصميمه وتنفيذه في سبعينيات القرن الماضي. وفي حين لم تنل البيئية المبنية حظاً كافياً من اهتمام الجهات المعنية، باتت علاقة المستخدمين بالمدينة حولهم مباشرة التأثير والتأثر من دون وسيط.
باسل ف. صالح | تصادم الشعارات في انتفاضة 17 تشرين أول 2019 اللبنانية
شملت انتفاضة تشرين الأول 2019 مروحةً واسعةً من التيارات والتطلّعات السياسية والسلوكية التي حاولت التعبير عن نفسها بطرق شتّى، بعد أن كانت مهمّشة أو غير مسموعة. يمكن القول إن أبرزها بمثابة خطابٍ كسر الذكورية والمركزية والمنظومة السلطوية والطبقية السائد، فعبّرت عن هوياتٍ بمجموعة قيمٍ وثقافات مختلفة ومتعدّدة وتكثّفت بعدد من الشعارات "المتشظيّة" التي وصلت حد التناقض في القول وفي الفعل السياسي.
يحاول البحث تحليل مجموعةٍ مختارةٍ من الشعارات التي شكّلت نقلة نوعية، ونقاط جاذبة ومكثّفة لخطابات لا تضرب عميقًا في البنية السياسية السائدة فحسب، بقدر ما كانت مشبعة بمفاهيم ورؤى تحفر عميقًا في البعد الثقافي. إن دراسة هذه الشعارات بمستوياتها المتنوعة تبقي باب السؤال مفتوحًا، وتعزّزه وتبلوره أكثر تجاه التالي: هل شكّلت انتفاضة تشرين مشروعًا سياسيًا نموذجيًا مختلفًا، أم كانت انتفاضات متفرقة داخل انتفاضةٍ واحدة؟ وهل عكست شعاراتها أنموذجًا بديلًا، أم كانت انتفاضاتٍ على الأنموذج؟
جواد الحبّال | الخصائص التقنية لخشبة المسرح المعاصرة: المسرح السوري في المهجر مجارياً البطاقة التقنية
وجد المسرح السوري نفسه خارج حدوده الجغرافية، فتحرّر من سطوة الرقابة واختلفت أدواره السياسية والاجتماعية والثقافية عما سبق الانتفاضة الشعبية عام 2011. وامتد الاختلاف إلى عناصر العرض المسرحي ذاته: النص والتمثيل والسينوغرافيا والتقنيات والإخراج والإنتاج. وإذا كانت الترجمة الفورية قد فرضت نفسها على سينوغرافيا العروض السورية في الدول غير الناطقة بلغتها، كحاجةٍ وظيفية ملحّة، فإن أماكن العرض – المتطورة منها – أتاحت مجالاً واسعاً لخلق فضاءاتٍ مسرحيةٍ بتقنيات عالية، كخياراتٍ جمالية متاحة. ولكنها تطلّبت لتحقيقها لغة اتصالٍ خاصة ومجاراةً تقنية بدت صعبة الإحراز. فاكتفت العروض بغالبها باستخدام ما خبرته سابقاً من تقنيات. من هنا نطرح في بحثنا السؤال التالي: هل استفادت العروض السورية في المهجر من تجهيزات الخشبة المعاصرة بالشكل الأمثل ووصلت إلى تحقيق التصوّرات المرسومة ما قبل التنفيذ؟ وهل واكبت المعايير التقنية القياسية للاتصال مع أماكن العرض وتقنييها، وجارت البروتوكولات المعتمدة؟
جويل ديب | أرشيف العاصي – ذاكرة الارض وارتباطها بالمشهد الطبيعي
من المنبع في سهل البقاع إلى المصب في خليج السويدية في المتوسط، تعتبر الهوّة المتعلّقة بالذاكرة بين ماضي حوض العاصي وحاضره متعمقة. فكما هو حال البشر، فإن العناصر المجسّدة لذاكرة الأرض تنحصر ضمن حيزنا الجغرافي وتعاني مثلنا من تحولاتٍ إجبارية. تتطور تلك العناصر بشكلٍ جماعي إلى أكثر من مجرد عمليات استرجاع الذاكرة؛ حيث تصبح رواة للسرديات الطبيعية، وتتكلل تلك التحولات وترتبط بالتضاريس المنهكة، وتتألم بالغيابات الطبيعية وعلاقتها باستنزاف المصادر الطبيعية والأرض وبالتالي وعينا الجماعي، وتساهم تباعاً في التدهور غير القابل للتغيير للمشاهد المحلية.
نحاول من خلال هذا البحث إثارة أسئلة مختلفة، من أهمها: ما هي التشظيات الذاكرية التي يعاني منها حوض العاصي، وكيف يتم تجسيدها في ممارساتنا المكانية، وكيف نحافظ على الوسائط التي تمثل، في الوعي البشري، استحضارات مختلفةً للأرشيف الحي؟
زويا قرموقة | على طريق الحرير - الخزف السوري
يمثل الخزف واحداً من الدلالات الهامة والمميزة للحضارات المتعاقبة على سوريا، ويعد أحد الفنون التراثية التي لعبت دوراً مميزاً وفاعلاً في المجالين الاقتصادي والاجتماعي كما كانت دائما إحدى مرايا أزماتها وصعوباتها. وانطلاقاً من ندرة الدراسات البحثية والتاريخية المتخصصة في مجال الخزف، تشكّل الدافع لهذا المقترح البحثي: بدأً من نشأة فن الخزف ومروراً بتَتَبُّع مسارات تطوره وانعكاسه على النسيجين الاجتماعي والاقتصادي ودوره ضمن الجهود الساعية لتحقيق الحضور الأنثوي الفاعل في السردية الفنية. سيركز البحث على مرحلة التطور الأخيرة التي شهدها الخزف عالمياً وفي المنطقة العربية من منتصف عقد التسعينيات من القرن العشرين وحتى الآن وتموضع الخزف السوري ضمنها، والإحاطة بالتطورات التي نقلت الخزف بوضوحٍ وجدية من الشكل التطبيقي النفعي إلى الفكرة الفنية الجمالية المحمّلة بفلسفة ورؤية الفنان. إضافة إلى ذلك، يسعى البحث إلى محاولة ترجمة وفهم أثر التراث في تطور الأساليب الجمالية المعاصرة للفنانين مع الحفاظ على الهوية.
زياد عدوان | مهرجان دمشق للفنون المسرحية: التجريب المؤسساتي
ينظر البحث إلى الخطوات التي اتبعها مهرجان دمشق للفنون المسرحية خلال عمليات التأسيس، والتي طغت عليها سمة المراوحة بين تيارات متباينة. تردد المهرجان تجاه أشكال التبادل والتأثر بالمسرح العالمي، وتراوحت توصياته بين الانفتاح على المسرح العالمي والحذر من تأثيرها على خطابات التأصيل. كما افترق المهرجان عن الأنساق المعتادة لنشر المسرح محلياً. فمن جهة، كانت السمة الأعم في سوريا بعد الاستقلال، وفي المشرق العربي عموماً، هي الاعتماد على أفرادٍ اضطلعوا على المسرح في أوروبا وعادوا لينشروا المسرح ضمن دوائرهم الاجتماعية، ويكوّنوا "الخبرات" التي اعتمدت عليها الدولة لمأسسة المسرح. ولكن، ومن جهة أخرى، اعتمد المهرجان على المسرحيين الذين نال معظمهم المعارف المسرحية في سوريا ومصر. أما على الصعيد المؤسساتي فقام المهرجان بتبني نموذجين في وقت واحد: اعتمد الأول على المؤسسات الرسمية والعلاقات البيروقراطية بين وزارات الثقافة، بينما ارتكز الثاني على الشخصيات المحورية أو المركزية، والتي تنحو بالعموم إلى الابتعاد عن البيروقراطية. وأمام تباين أشكال التأسيس، ينظر البحث إلى الفجوات المعلقة بين تطلعات مهرجان دمشق للفنون المسرحية وإمكانيات الإنجاز خلال التقلّبات السياسية والاجتماعية في العالم العربي وخلال الظرف التاريخي الذي أرسى أيديولوجياته وأنساق التبادل والتأثير على مراحل تأسيس المهرجان واستمراره.
عمر حصني | مفارقة الكاسيت: متمردٌ على السلطة ورأس المال، أم أداة هيمنتهما؟ دراسةٌ نقدية في "أرشيف الشرائط السورية" ورحلة البحث عن البدائل في إطار الصراع على التراث والذاكرة
شكّلت وماتزال مشاريع التوثيق والأرشفة المختلفة واحدةً من أبرز ملامح النشاط الثقافي السوري بعد اندلاع "الحرب". تأتي أهمية هذه المشاريع من الخوف المحق على ضياع أو تلف المواد الثقافية المهمة من ناحية، ولكون الممارسات الأرشيفية محاولة لإعادة كتابة سردياتٍ ثقافية سياسية مختلفة عن التاريخ والتراث من ناحية ثانية، وبالتالي محاولة إعادة تشكيل ذاكرةٍ جمعية وهوية ثقافية سوريتين من وجهة نظر هذا الفريق أو ذاك. في هذا السياق أطلق عام 2021 "أرشيف الشرائط السورية" باعتباره أرشيفاً مجتمعياً غير حكومي، وبدعم وتمويل من حكومة ولاية برلين الألمانية. تشكل الموسيقا الشعبية السورية التجارية الجزء الأكبر من الأرشيف، وتحديداً تلك النسخة من الموسيقا التي تطورت في مرحلة دخول الأصوات والآلات الكهربائية وخاصة آلة الأورغ إلى الموسيقا الشعبية، وظهور الكاسيت كأول وسيط صوتي جماهيري يحمل موسيقا ليست مرخصةً بالضرورة من السلطات الرسمية. يهدف هذا البحث إلى دراسة أرشيف الشرائط السورية، معتمداً منهجية تستخدم مقارباتٍ نظرية من فروع بحثية متعدّدة. يفكك البحث محتوى الأرشيف ويدرس سياقات تطور أنماطه الموسيقية. ويحلل منهجية بنائه وأثرها على مفهوم التمثيل الموسيقي والثقافي. ويسائل نموذج وجهة تمويله، وموقع ذلك من البنى والسياسات الاستعمارية، بهدف فهم أثر هذا التشابك على هوية الأرشيف، وبالتالي مساءلة مقولة أصحابه الأساسية إن كان فعلاً "أرشيفاً يسائل السرديات الرسمية والنخبوية الأكاديمية والفنية" وامتحان قدرته على المساهمة في تكوين البدائل من عدمها.
فدوى العبود | تمثلات الحرب في السرد الروائي: دراسةٌ في الروايتين السوريّة واللبنانية
تتناول هذه الدراسة، نماذجٌ متنوعةٌ من النصوص الروائية التي تناولت الحرب في كلا السرديتين اللبنانية 1975 والسورية 2011، عبر مقاربة المواضيع التي تناقشها كلا الروايتين، بحيث نتحرى الاختلافات والتشابهات في هذه الأعمال؛ مع مراعاة الفترة الزمنية بين السرديتين. تجمع هذه الدراسة بين البعد الثقافي في امتزاجه بالبعد النقدي؛ لأن الرواية ليست تأريخاً، بقدر ما هي وثيقةٌ فنية وإنسانية. فالحرب حدثٌ يُقرأ بأكثر من طريقةٍ وهي تنعكس في النتاج الفني بأشكالٍ متعددة بحيث تقوم الرواية بإعادة بناء الواقع لتقدم قراءتها للأحداث
تتحدد إشكالية البحث الأساسية في التعرف إلى آلية القراءة الروائية للحربين اللبنانية والسورية من حيث المضمون، أي موضوعاتها الرئيسة وموضوعات الهجرة، واللجوء، والسجون، والتواصل والعلاقة مع الآخر، والعنف، والتحولات التي طرأت على هذه القضايا في السرد الروائي، هذا من جهة ومن جهة ثانية: أشكال التجديد بأساليب التعبير الفني للسرد الروائي لتتناسب مع القضايا والقيم الجديدة التي أفرزتها الحرب.
لمى القاضي | العمارة التقليدية كنهج بديل لثقافة البناء المتبعة في سوريا
تُعَدّ حرف البناء التقليدية من أهم مظاهر التراث الثقافي والمعماري في سوريا، وتظهر تراثاً عريقاً يمتد عبر العصور. تتجلى أهمية هذه الحرف في تصميم وتنفيذ الأبنية باستخدام المواد والتقنيات التقليدية والمحلية التي تم توارثها عبر الأجيال حيث لها دور ثقافي واجتماعي مهم في تشكيل الهوية المعمارية والمكانية للمجتمع السوري.
يسعى البحث إلى فهم العمارة التقليدية وسياقها بالمدن السورية وتحليل المشكلات التي أدّت إلى انقراضها والعمل على إيجاد حلولٍ مستقبلية تساعد على تطوير العمارة التقليدية لاستخدامها كطرق بناءٍ بديلة، بالإضافة إلى ذلك يسلط البحث الضوء على دور حرفة البناء التقليدية في نشر الهوية الثقافية المحلية. فنحن اليوم قادرين على التفكير في تلك المواد وطرق إعادة استخدامها وتطويرها، وخاصة مع تقدم التكنولوجيا الذي نشهده حالياً في العالم في مجال الاستدامة والوعي البيئي، لتغيير المفاهيم السائدة في المنطقة. هنا يكمن التحدي لإيجاد طرق تكيُّف الحرف والمواد التقليدية والمحلية مع التغيرات الحديثة، وما إذا كانت قادرة على البقاء جزءًا حيويًا من العمران والمجتمع.
ميّار مهنا | النساء كصانعات أفلام في سياق الحرب (دراسة للإنتاج السينمائي النسائي السوري بعد 2011)
يتناول البحث دخول النساء إلى عالم صناعة الأفلام في سوريا إثر حراك2011، بالتوقف عند طبيعة التدفّق الإنتاجي الذي جاء بعد سنواتٍ من احتكار الرجال لصناعة السينما، يتطرق البحث إلى علاقة الحراك والتحول الاجتماعي والسياسي، بما فيه من موجة اللجوء إلى الخارج والنزوح الداخلي، باتجاه النساء نحو صناعة الأفلام، وأيضاً علاقة القرارات السياسية بابتعاد المرأة عن هذه الصناعة وذلك بالتوقف عند تاريخ صناعة السينما النسائية قبل2011، بالإضافة إلى عرض قضايا المرأة في السينما السورية قبل تواجد السينمائيات النساء في الساحة الإنتاجية، يعرض البحث نماذج عن الأفلام التي تتناول قضايا المرأة من إخراج صناع سينما من الرجال.
لقد شهدت السينما النسائية بعد الحراك انقسامات بين أفلام من داخل سوريا وأخرى من الخارج، وبين إنتاجٍ مؤسساتي وآخر مستقل، ما أثر في تكوين هوية وحركة إنتاجية ذات طابع نسائي، ويحاول البحث أن يبرز تباين الاتجاهات السياسية لصانعات الأفلام ودور المهرجانات الدولية في إبراز الفيلم النسائي السوري. ومن هنا يسأل: إلى أي مدى وكيف فتح حراك 2011 الباب أمام النساء للمشاركة في توثيق وسرد الحرب عبر رؤيتهن؟
ميرما الورع | دُور السينما في دمشق، التجلّي المعماري للسينما السوريّة
وُلدت علاقة مدينة دمشق مع السينما عند نقطة تحوّل هامة في بداية القرن العشرين، عندما عرض حبيب الشماس صوراً متحركة في المقهى الذي كان يستثمره في ساحة المرجة في عام 1912، وذلك بعد سبعة عشر سنةً من عرض الأخوان لوميير فيلمهما الأول. امتدت تلك العلاقة حتى يومنا هذا ومرّت بتخبطاتٍ عديدة وتراجعات وتقدمات واضحة المعالم كان نتاجها المباشر ظاهراً على صالات عرض السينما، والتجلّي الفيزيائي لمسيرة السينما في البلاد. من جهة أخرى كانت لدُور السينما علاقة وثيقة مع عمارة فترة الحداثة في سوريا، مما جعلها عنصر من عناصر الإرث المعماري السوري. اليوم، أُهملت تلك الصالات وتحوّل الطابع الوظيفي لبعضها وأُغلق بعضها بالكامل. في خلفية ذلك التحول يُلحظ الإهمال المقصود والتدمير الممنهج للإرث والمشهد العمراني والمعماري السوري لصالح الفكر الاستثماري السائد. من هنا تنبع الحاجة للبحث في نشأة صالات عرض السينما في دمشق وأرشفة وفهم ذلك التاريخ من منظور السينما باعتبارها فناً أولاً وصناعة وحرفة ومصدر إنتاج ثانياً، وبالمقابل من وجهة نظر العمارة والبيئة المبنية بالاعتماد على المفهوم المعماري الذي يناقش أن العمارة والأنماط المعمارية هي نتاجٌ للعوامل المتعلّقة بالمدينة وتطورّها، واحتياجاتها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.
نغم خليل | التراث البدوي: تقاطع الفنون، والجندر والبیئة
تھدف ھذه الدراسة البحثیة إلى الحفاظ على التراث الثقافي الغني لمجتمع البدو في لبنان، الذي یعد رمزاً للصمود والاعتماد على الذات، والمھدد بالحداثة والنظام الأبوي والأزمات المناخیة والاقتصادیة. من خلال اعتماد منھجیة صوت الصورة (فوتوفویس)، تُشرك الدراسة أفراد المجتمع، وخاصة النساء، في توثیق وسرد قصصھم/ن الثقافیة من خلال التصویر الفوتوغرافي، مما یحافظ على تراثھم ویمكّنھم من عرض ھویاتھم الفریدة. تلعب طبیعة منھجیة الفوتو فویس دورًا اجتماعیًا أصیلًا، حیث تمكّن أفراد المجتمع من أن یصبحوا باحثین مشاركین ورواة للقصص، مما يعزّز إحساسھم الشخصي والجماعي بالھویة والصمود، كما تعمل كمورد أرشیفي حیوي للأجیال القادمة.
یتم في صمیم ھذه الدراسة استكشاف تقالید وفنون وحرف البدو ومعرفتھم التقلیدیة وممارساتھم البیئیة المستدامة، خاصةً تلك المتعلقة بالأرض والطب العشبي والرعي. یُبرز البحث الدور الرئیس للمرأة البدویة في إثراء النسویة الإیكولوجیة وإعادة تشكیل الأدوار الجندریة، مسلطًا الضوء على ارتباطھن العمیق بالأرض والممارسات الأصلیة. من خلال فتح حوارات حول الاستدامة البیئیة والمساواة بین الجنسین والتحدیات الاجتماعیة والاقتصادیة، یسلط البحث الضوء على قوة الفنون البصریة وفن السرد في الحفاظ على التراث الثقافي، وذلك انطلاقاً من سؤال: كیف تساھم منھجیة صوت الصورة (فوتوفویس) في الحفاظ على التراث الثقافي للمجتمع البدوي، مع مواجھة التحدیات الاجتماعیة، والاقتصادیة، والبیئیة، والجندریة؟
هاني الطلفاح | تحولات المكتبة في سوريا
يهدف البحث إلى الكشف عن تحولات المكتبة في سوريا أثناء الصراع في السنوات السابقة، وحجم الضرر والضياع الذي لحق بالقطاع المكتبي الخاص والعام والشخصي، وأبرز المكتبات العامة والخاصة التي تعرضت للتلف. كما يهدف إلى البحث في أبرز الأشكال الجديدة التي اتخذتها المكتبة نتيجة تعرضها للضياع والحرق والتدمير: مثل المكتبة المهجورة، والمكتبة المحروقة، والمكتبة المتنقلة، والمكتبة المنفية، والمكتبة السرية…إلخ يطّلع البحث على تجارب بلدان تعرضت أيضاً للصراع المسلح مثل العراق ولبنان ومعرفة ما هي أهم المبادرات والمشاريع التي هدفت إلى تعافي القطاع المكتبي وما هي أهم المبادرات التي عملت على توثيق وحفظ وتأهيل محتويات المكتبات العامة والخاصة. ويحاول البحث الوصول إلى توصياتٍ تتعلق بالقطاع المكتبي العام والخاص في سوريا في سبيل خلق تصورٍ جيدٍ لأصحاب المصلحة للواقع المكتبي في سوريا.
هديل إينديوي | الجسد السوري كنصٍ تشعبّي أكثر من جسد، لأن كل الأجساد ماتوا تقريبا!
نجح التداخل بين المعطى الأدبي والرقميِّ بوضعِّ تصورٍ وشكلٍ جديدٍ للأدبِّ والذي أدى بدورِّهِّ إلى ثورةٍ إبداعيةٍ رقميةٍ على الساحةِّ الأدبيةِّ كونهُ طرحَ نفسَهُ كأدبٍ بديلٍ مقاطعٍ للأنماطِّ الكلاسيكيةِّ والخصائصِّ الفنيةِّ للأدبِّ، ليصبحَ بذلك أدباً متمرداً خارجاً عن التجنيسِّ. وقد لجأ الفرد السوري خلالَ الثورة إلى التدوينِّ الالكترونيِّ متحرراً بذلك من كلِّ الشروطِّ والضوابطِّ التي يخضعُ لها لينقلَ حكايةَ ثورتِّهِّ، والحكايةُ التي نستطيعُ أن نقرأها، ونسمعها، ونراها، ونشعرَ بها. فقد استطاعَ بهذا النوعِّ من الأدبِّ المتعددِّ الوسائطِّ التأثير على شكلِّ الحكايةِّ وأسلوبِّ سردِّها لتصبحَ بذلك حقيقية بكلِّ وقائعِّها وتشكيلاتهِّا. يتناولُ البحثُ على وجه الخصوص عددا من أشكال الكتابة الأدبية كالنصوص التعبيرية الشعرية، والسرديات النثريةِّ، ومقالات الرأي، وصولاً للبوستاتِّ الفيسبوكيةِّ التي نقلَت التفاصيلَ الحياتيةَ اليوميةَ للفردِّ السوريِّ وناقشَت قضايا كالهويةِّ، والإرهاب، والتهجير والموت. كما يرصد البحث أثر الخاطرة الفيسبوكية ومقالات الرأي- باعتبارها أدباً رقمياً - في تحديد مفهومٍ جديدٍ للهوية والجسد السوريِّ، من خلال تحليل عيناتٍ لنصوصٍ تجميعيةٍ كُتِّبَتْ خلالَ الثورةِّ. ويعرضُ من خلالِّ مقارنةٍ دلاليةٍ تصوراتٍ مختلفةٍ عن الجسدِّ السوريّ، فعلاقةُ الأدب الالكتروني بالمعطى الجسديِّ (السوريِّ) علاقةُ تعبيرٍ لا حدوديةٍ بينَ ما هوَ جسديٌّ، وما هو لغويٌّ، وما هو رقميٌّ. وهنا يأتي السؤالُ: من نحنُ؟ حين تمنحُنا حكايتنُا السوريةُ فاصلا من الحريةِّ! أي عندما تتجلى بكل حضورها.
يارا سعيد | أصوات ثائرات
يناقش هذا البحث دور الأغنية الشعبية في استعادة السردية النضالية النسوية السورية كيف تخزن القصص والسرديات الشفوية الصدى الصوتي في منطقة بلاد الشام، وكيف يقاوم الفنان/ة السوري/ة تجربة الأنظمة القمعية داخل سوريا وخارجها عبر الفن الصوتي؟ وكيف أثرت مساعيهم/ن الإبداعية على مجتمعاتهم/ن، سواء داخل سوريا أو بين الشتات، وما هو الدور الذي يلعبه عملهم/ن في الحفاظ على التراث الثقافي السوري وتعزيزه. في سوريا تم تهميش الموسيقا الفلكلورية السياسية في العديد من المناطق الجغرافية وتوجّهت الجهود نحو صناعة الأغاني التي تفتقد أي مضمونٍ سياسي لكن توهج الثورة السورية سلّط الضوء على حناجر لم تكن مسموعة من قبل. ومن هنا نسأل: كيف يمكن آن توفّر الممارسات الصوتية وسائل لتضخيم أصوات الأشخاص الذين تم تهميشهم وتجاهلهم تاريخيًا في صناعة الموسيقا المحلية والعالمية؟
بيان لجنة التحكيم
ضمت لجنة الاختيار كلاً من الأستاذة والباحثة في معهد دراسات المسرح والمواد السمعية - البصرية والسينما في جامعة القديس يوسف في بيروت، ماريان نجيم. والمستشارة الدولية والأخصائية في مجال التراث الثقافي وحماية الأماكن والمواقع التاريخية، هبة خلف. والصحفية والباحثة في المجال الثقافي، راما نجمة. حيث اجتمعت عضوات لجنة الاختيار ليومين في النصف الأول من شهر تشرين الثاني/ نوفمبر وتُوّج الاجتماع بالبيان التالي:
شعرنا بالامتنان لتحكيم مقترحاتٍ متميزةٍ ومتنوّعةٍ، استقبل البرنامج في دورة العام 2023- 2024، 82 طلباً وكان عدد الطلبات الصالحة للتحكيم والتي درستها لجان التحكيم 70 طلباً، وتنوعت هذه الطلبات لتغطي مختلف محاور الإطار العلمي لهذه الدورة، وأتت من باحثين وباحثات يقومون في المنطقة العربية وأوروبا وتنوعت خبراتهم/ن بين باحثين وباحثاتٍ، وعاملين وعاملات في المجالات الفنية والحقول المجاورة للإنتاج الإبداعي. تكشف معظم المقترحات المقدّمة عن مستوى رفيع من الالتزام العلمي والجدّية، مما يبرز ضرورة دمج البحث الثقافي في ممارسات الإنتاج الثقافي.
تتميز المقترحات المقدّمة في المشاركة الواضحة لجيلٍ جديد من الباحثات والباحثين، وتناولها للقضايا المعاصرة والتي ترتبط بشكل وثيق بالمجتمعات المحلية. وقد أظهرت المقترحات استعداداً لمواجهة التحدّيات الجادة والمعقدة التي تواجه الممارسات الثقافية في سوريا ولبنان، وهو ما انعكس في مقترحاتٍ طرحت أسئلة حيوية وأظهرت شجاعةً في التعبير عن وجهات نظرٍ فريدة. يشير هذا الأمر إلى رغبةٍ قويةٍ في المساهمة بفعالية في الحوار العام ولعب دورٍ حيوي في تشكيل الرأي الثقافي. وعليه اعتمدنا في اختيارنا على دعم البحوث ذات الجودة المنهجية والرؤية الواعدة التي تسهم في إثراء الحوار الثقافي والتفكير العلمي.
تنوعت المقترحات المقدّمةٍ بشكلٍ ملحوظ، مع تركيز العديد من المشاريع على بحث فنون العمارة وعلاقتها بالفضاء العام. بالإضافة إلى ذلك، لاحظنا وجود تركيزٍ على مواضيع التراث اللامادي والتوثيق، مقابل نقصٍ في المقترحات المتعلقة بالممارسات الإبداعية الفردية مثل الرسم والنحت.
نود أن نشير إلى تنوّع المناهج العلمية التي اقترحها الباحثون والباحثات في استماراتهم/ن، وهذا الأمر نوصي بالانتباه إليه خلال فترة إنجاز الأبحاث والعمل مع المرافقين والمرافقات. وهنا نود أن نشير إلى أن غالبية المقترحات المتقدمة تستحق الدعم بشكلٍ أو بآخر، إذ تميّزت في منهجيتها وصياغة إشكالياتها وإن العديد المقترحات التي لم يتم اختيارها لم تتناسب مع المحاور المحددة لهذه الدورة، وبالتالي لم تتمكن من الوصول إلى القائمة النهائية، وهنا نود أن نشير إلى حرصنا على النظر إلى موقع الجهد البحثي في مسيرة وتأهيل المتقدمين والمتقدمات.
أخيراً نشير إلى أن عدد الطلبات التي تقدّم مقترحاتٍ أبحاثٍ تخص الممارسات الثقافية في لبنان كانت قليلة نسبياً، وعليه اخترنا 16 طلباً رئيساً ليتم دعمها، وإننا نقترح على إدارة البرنامج أن تستكتب باحثاتٍ وباحثين يقوموا بإنتاج أوراقٍ بحثية عن المشهد الثقافي اليوم في لبنان، ويرافقون أقرانهم/ن في جهودهم البحثية طيلة العام المقبل.