آلينا عويشق تبحث في معنى المنزل لدى الشباب السوريون في بيروت

Dec 2018

تعمل الباحثة آلينا عويشق على إنجاز بحثها المعنون بـ معنى المنزل لدى الشباب السوريون في بيروت، وذلك ضمن إطار الدورة الخامسة من برنامج أبحاث: لتعميق ثقافة المعرفة.  

عن توصيف البحث تقول آلينا: "تلعب عوامل عدّة دوراً في أشكال السكن التي يتّخذها الشّباب السوريون في لبنان اليوم ومنها غلاء أسعار الإيجار وصعوبة دفع تكلفة شقّة كاملة لشاب أو شابة بمفرده/ا. إضافةً إلى اختلاف نمط الحياة الاجتماعية ووفود العديد من الشباب والشابات للعمل دون عائلاتهم، نريد من خلال هذا البحث إيجاد وتحديد الأشكال المختلفة التي يتّخذها المنزل لدى الشباب السوريون في بيروت وأسباب هذه الأشكال والدافع ورائها. وذلك من خلال البحث في معايير اختيار الشقة؛ من اختيار المنطقة إلى شكل الشقة المناسبة وطريقة ملاءمتها مع نمط الحياة المراد. إضافة إلى أشكال العلاقات الاجتماعية المعاشة في الشقق وخاصة تلك التي تربط ساكني الشّقة الواحدة".

أما عن دافعها الشخصي خلف اختيار موضوع البحث فتكتب لنا: "فقدت بيتي في طفولتي مع طلاق أهلي وبيع أبي للبيت الذي نشأت فيه لأصبح زائرة في بيت جدتي، مع انتقالي مع سوريين آخرين إلى بيروت مابعد 2011 كانت مغادرتي للبيت جزءاً من حالة جماعية مر خلالها السوريين بسلسلة من الخسارات طالت بيوتهم وعائلاتهم. وجدت نفسي ضمن بيروت أسكن بيوتاً لا تشبه تلك التي عشناها في سوريا واستطعت فيها الحصول على بيتٍ من جديد رغم كونه مستأجراً ولم أملكه. أصبح إيجاد معنى البيت بعد خسارته ممكناً من خلال المجتمع المحيط بي والذي بنى بيوتاً جديدة في الغربة ودون القدرة على الملكية والاستقرار والتي تبدو عواملاً أساسياً للوهلة الأولى. رأيت في هذا البحث فرصةً للحصول على إيجابات لطالما بحثت عنها على الصعيد الشخصي وتصب في عملي المعماري لتطور فهمي لحاجات المجتمعات والأفراد من بيوتهم".

واجهت آلينا جملة من العقبات خلال رحلة تنفيذها للبحث تتحدث عنها وعن الحلول الجزئية التي لجأت إليها: "في بحث يعتمد منهجه على المقابلات النوعية السردية واجهت صعوبات ارتبطت بالوصول إلى شباب وشابات مستعدين لإجراء مقابلات تتناول موضوعاً غاية في الخصوصية، ازدادت مع اضطراري لمغادرة بيروت وعدم قدرة العودة إليها وبالتالي إجراء المقابلات عبر وسائل الاتصال الالكتروني اعتماداً على الشبكات المبنية أثناء إقامتي في بيروت. في حين رفض العديد إجراء مقابلات مع عدم معرفتهم بي وعدم قدرتهم  على بناء الثقة عبر وسائل التواصل الافتراضي استطعت من خلال  هذه الشبكات إتمام 16 مقابلة حصلت من خلالها على المعلومات اللازمة لإتمام البحث.

تنقلت أثناء جميع مراحل العمل على البحث من دولة إلى أخرى وكان لذلك أثر على وتيرة العمل وسرعة الإنجاز مما لم يتح لي التعمق الكافي في بحث بعض النقاط أثناء الفترة الزمنية المحددة للبحث".

حول نتائج بحثها تذكر آلينا ما يلي: "تناولنا كل من البيت المكاني والزماني والاجتماعي والشخصي كونها أهم الأوضاع التي ظهرت في سرديات "الشباب" وكان للتغييرات الطارئة عليها تأثير على تصورهم للبيت ومعناه. خسر جميعهم وجود البيت في سوريا وأصبحت بيوتهم المكانية غير مستقرةً في بيروت إلا أن جميعهم ورغم مقاومة البعض خلق ارتباطاً جديداً ببيروت والمحيط ليتأقلموا معه ويعتادوا أحياءه ومحيطهم الاجتماعي الجديد. أما من خلال البيت الزماني استطعنا متابعة بيوت "الشباب" عبر مراحلهم العمرية المختلفة والحاضرة في ذاكرتهم وفي تخيلاتهم للمستقبل، وهو البيت دائم التغير والذي رأينا يتحول مع الأشهر والسنين في حياتهم وإن كان ثابتاً في المكان. في حين أن البيت الاجتماعي ارتبط بأولئك الأفراد خارج البيت وداخله من المجتمع المحيط والشبكات والتي كان لها القدرة على خلق بيوت في حين لم يكن لها أي تحديد فيزيائي واضح في حياة "الشباب" مع التنقلات الكثيرة التي عاشوها إلى وفي بيروت. وأخيراً البيت الشخصي والذي هو الأكثر ارتباطاً بتحديد "الشباب" لموقعهم في الحياة وسيطرتهم واستقلالهم ضمن محيط لا قدرة للرغبة البشرية على تسييره بحسب أهوائه".

 

آلينا عويشق

خريجة كلية الهندسة المعمارية، جامعة دمشق عام 2014. باحثة ومصممة مهتمة بحقوق الإنسان عامةً والمرأة خاصةً والحق بالمدينة والسكن، عملت بشكل حر وموظفة في عدد من الشركات والمكاتب المعمارية والمنظمات في بيروت ودمشق. أنجزت أول ورقة بحثية لها "البيئة المعمارية واللاجئ السوريعام 2015 وعملت لاحقاً مع منظمات لبنانية على عدد من الأبحاث المرتبطة بالحق بالمدينة في بيروت.


© الحقوق محفوظة اتجاهات- ثقافة مستقلة 2024
تم دعم تأسيس اتجاهات. ثقافة مستقلة بمنحة من برنامج عبارة - مؤسسة المورد الثقافي