الحرف الدمشقيّة في أتون الحرب. بحث لزينة شهلا

Sep 2018

تعمل الباحثة زينة شهلا على إنجاز بحثها المعنون بـ الحرف الدمشقيّة في أتون الحرب: الحرف القماشيّة نموذجاً، وذلك ضمن إطار الدورة الخامسة من برنامج أبحاث: لتعميق ثقافة المعرفة.

يناقش البحث كيفيّة تأثير الحرب في سوريا على الصناعات القماشيّة التقليديّة التي اشتهرت بها دمشق، بدراسة كل من البروكار والأغباني والبسط اليدوية نموذجاً. يرصد البحث انعكاسات الحرب السلبية على تلك الحرف، والتي يمكن تلخيصها بدمار ورش التصنيع وانخفاض عدد الآلات المنتجة إضافةً إلى نزوح اليّد العاملة وتغير طبيعة العلاقات بين العاملين على مختلف مستوياتهم مما أثّر على تناقل المهن بين الأجيال، إضافة إلى صعوبة تأمين المواد الأولية، وعدم توافر أسواق التصريف؛ كما يسلط الضوء على المحاولات التي يبذلها الحرفيون والجهات المنظمة وغير المنظمة المختلفة لحماية هذه الصناعات من خطر الاندثار المحدّق بها، ويخرج بمجموعة من التوصيات التي يمكن في حال تطبيقها أن تحول دون حدوث ذلك الاندثار.

عن الأسباب التي دفعت زينة لإنجاز هذا البحث تقول: " كنت أراقب عن كثب التحولات التي طرأت على الحرف اليدوية في دمشق وهي المدينة التي أعيش فيها وأشعر بارتباط كبير بكافة تفاصيلها. شعرت بالأسف الشديد للحال التي آلت إليها هذه الحرف العريقة، وفي الوقت نفسه لمست عدم وجود اهتمام كافٍ بها، أولاً لاعتبارها غير ذات أولوية في خضم الحرب، وثانياً وربما الأهم لافتقار البلاد للسياسات الكافية لحماية هذه الحرف من اندثار محدق بها. ومن منطلق عملي كصحفية تهتم بالآثار الاجتماعية والإنسانية للحرب، شكّل موضوع التغيرات التي طرأت على هذه الحرف اهتماماً خاصاً لدي. وإلى جانب ذلك، كانت لدي أهداف مهنية تتلخص في تطوير معارفي ومهاراتي في مجال البحث العلمي بالاستفادة من خبرات مؤسسة اتجاهات، وهي خبرات نفتقد إليها اليوم في سوريا بعد هجرة معظم الكوادر العلمية المؤهلة".

شكّل الحصول على المعلومات والمراجع ذات الصلة عقبة زادت من صعوبة إنجاز البحث. تقول زينة: "نفتقد كثيراً لمراجع تتحدث عن موضوع الحرف اليدوية في سوريا حيث لا يوجد منها سوى عدد قليل للغاية، كما أن إجراء المقابلات –والتي بلغ عددها حوالي 30 مقابلة- لم يكن سهلاً، مع صعوبة العثور على الأشخاص المطلوبين في بعض الأحيان، وعدم قبول آخرين للحديث أو عدم اكتراثهم بالموضوع".

عن بعض النتائج التي خلصت إليها في البحث تقول زينة: "ما لاحظته هو وجود توافق كبير بين كافة الحرفيين الذين قابلتهم على ضرورة حماية الحرف الدمشقية من الاندثار، وعلى أن أهم خطر محدق بها هو اختفاء اليد العاملة التي تتقن الكثير من أسرار هذه الحرف وذلك لأسباب عديدة على رأسها السفر أو الوفاة أو الانخراط في الأعمال القتالية أو الانصراف لمهن ذات مردود اقتصادي أفضل. هذا الأمر ووفق رأي معظم من تمت مقابلتهم يتطلب إجراءات عاجلة للتخفيف من أثره وترميم ما يمكن ترميمه".

تختم زينة بالحديث عن حجم الخطر الحقيقي الذي يتهدد التراث السوري فتقول: "هذا البحث هو جهد ضئيل جداً مما ينبغي بذله للحفاظ على التراث السوري المهدد بسبب الحرب. أعتقد بأننا يوماً بعد يوم نكتشف الآثار الكارثية للحرب على تراثنا، وبأن الجهود المبذولة لا زالت دون المطلوب ولا ترقى لمستوى الحاجة. أشعر بالحزن عندما أفكر بأنني قابلت آخر شخص يصبغ الحرير في دمشق، وواحداً من أواخر من يتقنون طباعة الأغباني، وأتمنى ألا نتحسر يوماً على غياب هؤلاء الحرفيين وغيرهم بشكل تام عن المشهد الثقافي السوري".

 

زينة شهلا

صحفية مقيمة في دمشق، سوريا. حائزة على إجازة في الهندسة المعلوماتية من جامعة دمشق عام 2004، وإجازة في الإعلام من جامعة دمشق عام 2017، وتحضر حالياً لنيل شهادة الدبلوم في الشؤون الدولية والدبلوماسية من الأكاديمية السورية الدولية بدمشق.

تعمل كصحفية مستقلة مع عدد من الوسائل الإعلامية منها القدس العربي ورصيف22 وراديو سوريات، حيث تركز بشكل خاص على القصص الاجتماعية والإنسانية للسوريين داخل وخارج سوريا، وأيضاً في مجال التحقيقات الاستقصائية مع شبكة "إعلاميون من أجل صحافة استقصائية عربية"، كما شاركت في عدد من الأبحاث الاجتماعية والثقافية مع عدة جهات منها معهد الأصفري للمجتمع المدني والمواطنة في الجامعة الأميركية ببيروت.


© الحقوق محفوظة اتجاهات- ثقافة مستقلة 2024
تم دعم تأسيس اتجاهات. ثقافة مستقلة بمنحة من برنامج عبارة - مؤسسة المورد الثقافي