شعرية الحرب: جماليات وطرائف الأزمة السورية – بحث من إعداد رغد شجاع

Feb 2017

يحاول البحث، الذي أعدته الباحثة رغد شجاع ضمن الدورة الثالثة من برنامج أبحاث: لتعميق ثقافة المعرفة، رصد بعض تفاصيل الحالة الشعرية في الحياة اليومية للسوريين الذين ما زالوا يعيشون في سوريا وكذلك في انعكاس هذه الحالة على الفنون، ويركز على الفنون التي تخلق وتنفذ في داخل سوريا، أي تحت الضغط المباشر "للحرب".

تتمحور إشكالية البحث حول التناقض الذي تطرحه الأسئلة التالية: كيف يمكن للحرب أن تنتج نكتة أو فناً؟ كيف تطفو الشعرية بما تحويه من حنين ورومانسية وجمالية على سطح المدينة الملطخة بالدم، دمشق على وجه الخصوص؟ كيف يستطيع السوري أن يسخر من ألمه ويحوله إلى طرفة في ظل الحرب التي يعيشها؟ وما هو حجم الألم الذي يدفعه إلى ذلك؟ والسؤال الأهم: هل تأثرت فنون هذه المدينة وفنانيها بكل مايجري في الواقع بما فيه تلك الفكرة الجمالية/ الشعرية؟

يحاول البحث الإجابة عن النقاط السابقة من خلال الملاحظة والتفكير وتحليل الأحداث الاجتماعية الجارية في الميدان السوري في هذه المرحلة التاريخية، ودراسة بعض المنتجات الفنية والفكرية المنجزة في هذه المرحلة كنماذج لتطبيق قضية هذا البحث، بالإضافة إلى استطلاعات رأي ومقابلات مع بعض فناني ومثقفي سوريا المعنيين بالمواضيع المطروحة، خصوصاً فيما يتعلق بالتحليل النفسي الاجتماعي وبالمنتج الفني الثقافي.

عن نتائج البحث تقول رغد شجاع: "يخلص البحث إلى نتيجة مفادها أن الفرضية المطروحة (شعرية الحرب) غير مكتملة أو أنها ملامسة بسطحية للشعرية، إذا ما فكرنا في رؤية هذه المرحلة بعد الخروج منها، أي أن رؤية هذه الحالة الشعرية من داخل هذه المرحلة تكون غير مقنعة بشكل كافٍ، فالألم مازال يتجدد كل يوم وإن كان ممزوجاً ببعض الأمل، لكنه حاضر بشكل مباشر حتى في سخريتنا منه، أو تحويله لعمل فني. وربما ستكون هذه الحالة الشعرية أوضح عندما سنسردها لأبنائنا وأحفادنا وإن كان سردنا مشبعاً بقصص دموية وألم فقدان أرواح أو دمار بيوت وأمكنة، لكنه سيغدو قصاً من الماضي وسيسرد بشعرية أعمق من تلك التي نشعر بها الآن ونحن على مقربة من الحدث".

في واقع سوريا تتكسر كل المقولات والمفاهيم التي تربط الألم بالإبداع، وفقاً لرغد التي ترصد الصعوبات التي اعترضت رحلتها البحثية فتقول: "في الداخل السوري تحبط جميع المحاولات للإنجاز خصوصاً في المجال الإبداعي والفكري، وأعتقد أن إنتاج الثقافة يحتاج فعلاً في الوقت الحالي لإنسان قادر على التفكير المنظم والفعال وهذا لا يتعارض مع الجرأة والجدة والاستنتاجات الجنونية".

بدءاً من صعوبة تلبية الاحتياجات اليومية المعيشية الأساسية، مروراً بحجب الكثير من المواقع الالكترونية والانقطاع المستمر لخدمة الانترنت، وليس انتهاء بضرورة الانتقال من دمشق إلى مدينة أخرى أكثر أماناً وبالتالي عدم القدرة على متابعة جميع الإنتاجات الفنية التي تشهدها العاصمة، ترصد لنا رغد مجمل تلك الصعوبات، ولكنها تؤكد في الوقت نفسه أن التزامها ضمن برنامج أبحاث أتاح لها فرصة تحقيق هذا البحث من خلال مجال زمني محدد ومرن في الوقت نفسه ومن خلال الدور التوجيهي الذي قامت به مشرفة البحث د. ماري الياس.

 

رغد شجاع

خريجة المعهد العالي للفنون المسرحية في دمشق 2008 قسم الدراسات المسرحية، عملت كصحفية في الشأن الثقافي المسرحي، وعملت كمدربة في المسرح التفاعلي مع الأمانة السورية للتنمية مشروع المسرح التفاعلي في المدارس الحكومية، ومع الهيئة الطبية الدولية تدريب الأطفال من  ذوي الاحتياجات الخاصة ومع مديرية مسرح الطفل – وزارة الثقافة تدريب الأطفال اللاجئين في الداخل السوري، لها تجارب في الكتابة المسرحية والسينمائية والتلفزيونية.


© الحقوق محفوظة اتجاهات- ثقافة مستقلة 2024
تم دعم تأسيس اتجاهات. ثقافة مستقلة بمنحة من برنامج عبارة - مؤسسة المورد الثقافي