عن رحلة مشروع ستيجنا المشترك بين منظمتي النساء الآن وسيناريو

Nov 2016

في مشروعهما المشترك قدمت منظمتا سيناريو والنساء الآن عرضاً مسرحياً بعنوان أحلام صغيرة بمشاركة 30 طفلًا ويافعًا تراوحت أعمارهم من 11 حتى 14 سنة في منطقة وادي البقاع بتاريخ 13 آب/ أغسطس 2016 كختام مشروع ستيجنا Our Stage، الحاصل على دعم النسخة التجريبية من ابتكر سوريا: مشروع تمكين الفن السوري في المهجر.

في السطور التالية يتشارك معنا كل من أنس تللو من منظمة النساء الآن وأوسكار وود من منظمة سيناريو جانبًا من ظروف ووقائع رحلتهم في صناعة مشروع ستيجنا وعرض أحلام صغيرة ويستعرضان لنا أهم نقاط فلسفتهما في تمكين الأطفال عبر الفنون.

إن إنتاج عرض مسرحي مدته 50 دقيقة بعناصر أصلية مخصصة للعرض -من النص إلى الموسيقى مرورًا بتصميم الرقص والحركة والديكور- مسألة صعبة. وذلك حتى في حال توفر لهذا العرض ممثلون محترفون في استديو مجهز بتكييف للهواء وآلة لصنع القهوة، فما بالك إذا كانت المهمة إنجاز عرض كهذا مع ثلاثين طفلًا ويافعًا تتراوح أعمارهم بين 11 و14 سنة في وادي البقاع، على أرض إسمنتية تلهبها حرارة شمس آب/أغسطس، خلال فترة لا تتجاوز خمسة أيام؟ إنه لتحدٍّ صعب ولا ريب. ولا تقتصر صعوبة التحدي على الأطفال وحدهم، بل تمتد إلى الفنانين المشرفين أيضًا. إلا أن صعوبة الظروف وحتمية مواجهتها هي التي تفرض التعاون. إنها مهمة مستحيلة. هذا ما واجهته مجموعة "سيناريو" و"النساء الآن" وثلاثين طفلًا في أول أيام العمل على عرض مسرحي جديد.

"سيناريو" منظمة للتدريب والفنون تعمل مع اللاجئين في لبنان. وشريكنا الأساسي منظمة "النساء الآن"، وهي منظمة مجتمع مدني سورية. يتمثل هدفنا في تمكين المشاركين من خلال منحهم صوتًا يروون من خلاله قصتهم. رواية القصة هي أساس كل ما نفعل. صباح اليوم الأول، بدأ الأطفال ببناء العرض بارتجال قصص، وفي هذه الحالة كانت القصص عن أرض فُرِشت ببساط أخضر، وهلال يرثي النجوم التي فقدها، وتاج ملعون. تعالج "سيناريو" القصص وتحافظ على العناصر الصالحة للبناء عليها، وتعيدها إلى المشاركين كي يصقلوها.

لدى العمل مع الأطفال، يسهل عدم التعامل مع "الفن" بجدية، والنزوع نحو التركيز على دفع الأطفال إلى إنجاز عرض بسيط. لا تؤمن منظمة "سيناريو" بهذا المبدأ. في اليوم السابق للعرض، قمنا بتصميم رقصات الأغاني الخمس، المتضمنة في العرض، خلال ثلاث ساعات من الرقص المتواصل. واضطر أحد الفتيان إلى عدم المشاركة في إحدى الرقصات لأنه وصل إلى حد من التعب والحماسة منعه من إكمال التدريب. بالنسبة ليتيم لا يذهب إلى مدرسة نظامية، يسهل تفهم أن هذا المستوى من الانضباط يشكل تحديًا صعبًا. ولكنه في اليوم التالي، حفظ الرقصة على أية حال. ويهدف الفنانون البالغون إلى حيازة هذا الالتزام، وفي منتصف الأسبوع، من منتصف الليل حتى الواحدة بعد منتصف الليل، خضنا نقاشًا حادًا حول التوجه السياسي في قصة "التاج الملعون"، ففي نهايتها، ندرك أن على الأمير التخلص من التاج.

بعد 24 ساعة، اقترب موعد رفع الستار، وواجهنا خطر عدم تقديم العرض في المكان المقرر لأن مباراة كرة القدم التي تجري في مكان قريب تصدر ضجيجًا عاليًا. لحسن الحظ، تسارع أمنا الروحية (جارة لبنانية تتمتع بالكثير من الكاريزما) إلى التدخل، ففيما بدأت الشمس بالغروب في مجدل عنجر، قطعت بسيارتها الشوارع من مدرسة إلى مدرسة، إلى أن نجحت في إيجاد مساحة للعرض. كان ثمة حديقة جميلة في الخلف. ولكن، كي نتجنب الشمس الحارقة، كان علينا التوقف كل ساعتين لنقل المستلزمات عشرة أمتار إلى اليمين. لا شك أن الأسهل كان العمل في الداخل، ولكننا كنا سنخسر جمال المكان.

والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: لِمَ لم نُجرِ العمل في الداخل؟ لِمَ لم نقبل بما هو أقل؟ لِمَ لم نكتب عددًا أقل من الأغاني أو نصمم ديكورات أصغر؟ إجابة "سيناريو" هي أن الأطفال قادرون، بحدسهم، على تقييم الجودة. وإذا شعروا أن العمل يخلو من الجودة، فقد "التمكين" المنشود أثره. وقد ذكرتً أن "سيناريو" تهدف إلى تمكين الأطفال من خلال منحهم صوتًا ليرووا قصة. وهذا صحيح. ولكننا نمكن الأطفال أيضًا بأن نطلب الكثير منهم. فالأطفال لا يظهرون تماسكًا وقوة إلا إذا اقتضت الظروف ذلك.

ورغم هذا الضغط الذي مارسناه على الأطفال وعلى أنفسنا، كانت الدموع قليلة خلال هذا الأسبوع. رأينا الدموع بعد العرض، حين بدأ الأطفال يدركون ما أنجزوه، إلى جانب الكثير من الابتسامات أثناء قيام أفراد فريق العمل بتصوير أنفسهم مع آخرين لم يلتقوا بهم من قبل. كان للأطفال أن يفخروا بأنفسهم، ونأمل بأننا نجحنا في منح ذلك الصبي ذي الأحد عشر عامًا من الميتم ذكرى لن ينساها أبدًا.


© الحقوق محفوظة اتجاهات- ثقافة مستقلة 2024
تم دعم تأسيس اتجاهات. ثقافة مستقلة بمنحة من برنامج عبارة - مؤسسة المورد الثقافي